بحث





الجمعة، 11 نوفمبر 2011

الكالشيو بولي .. والدخول في سيناريوهات التسوية

الكالشيو بولي .. والدخول في سيناريوهات التسوية

لم يكن أكثر المراقبين لقضية الكالشيو بولي يتوقع أن تدخل في المنحنيات الحساسة التي دخلتها في الأيام القليلة الماضية. فالقرار المدني الذي كان منتظرًا في محكمة نابولي أفضى لأمور جديدة غيّرت الوجه العام للقضية ككل.

القرار الذي صدر أدان لوتشيانو موجي المدير العام السابق لنادي يوفنتوس باختراقه للمادة (1) من القانون الرياضي، والذي حكمت فيه القاضية المدنية تيريزا كازوريا من خلاله بالحبس مع وقف التنفيذ في سلسلة قرارات نتج عنها إسقاط تهمة خرق المادة رقم (6) والتي كان يوفنتوس قد أدين بها من قبل رياضيًا، وهي المادة التي أدت في عام 2006 الى تجريم يوفنتوس وتهبيطه إلى السيري بي.

هذا القرار الصادر وسقوط تهمة خرق المادة رقم (6) من الحكم فصل تمامًا بين أمرين مهمين، وهما اليوفنتوس ولوتشيانو موجي. فالقانون الايطالي ينص على أن اختراق المادة رقم (1) يعني عقوبات وغرامات ضد الفرد الذي قام بالأمر، بينما اختراق المادة رقم (6) يعني التجريم الكامل للنادي وتهبيطه لدرجات أدنى من الدرجة التي يلعب بها.

والفصل بين يوفنتوس وموجي من خلال هذا القرار لا يبدو عجيبًا أو غريبًا لمن يتابع القضية منذ سنوات، خصوصًا ان هذه الحالة ظهرت من قبل في نفس قضية الكالشيو بولي عام 2006 مع نادي آ سي ميلان. فميلان اليوم يسير بمنحنًا آخر عن المسار الذي يتواجد فيه الإداري الميلاني السابق (ليوناردو مياني)، والذي عمل كمسئول لجنة علاقات الميلان مع لجنة الحكام، حيث أدين وصدر بحقه أيضًا قرار حبس في قرارات محكمة نابولي الأخيرة.

هذا القرار المدني أخذ به يوفنتوس وعبّر عن ارتياحه "بشكل أو بآخر" بما صدر، وبدا هذا الأمر جليًا من خلال ظهور مطالبات اليوفنتوس الرسمية بتعويضات مالية قدّرت بـ 444 ألف يورو عن الضرر الذي أصاب النادي نتيجة الكالشيو بولي وتبعاتها منذ العام 2006 وحتى الان.

تلك المطالب واكبها في نفس الوقت ظهور قرار المحكمة الرياضية الايطالية الـ "تي إن إيه إس" (محكمة التحكيم الوطنية الرياضية)، والتي أعلنت عدم مسؤوليتها عن اتخاذ قرار في شكوى يوفنتوس باستعادة لقب 2006 - الذي فاز به الفريق فوق أرض الميدان – من إنترنازيونالي دي ميلانو الذي مُنِحَ اللقب بعد قضية الكالشيو بولي 2006.

إلا أن هذا الرد بعدم المسؤولية أظهر من جديد أن الكرة الايطالية ومسيّريها ما زالوا لا يستطيعون البت بصفة نهائية في واحدة من أكثر القضايا جدلًا في الساحة الكروية الايطالية عبر تاريخها. فالاتحاد الايطالي لكرة القدم من قبل أعلن عبر محكمته الفديرالية كذلك عن عدم مسؤوليته من اتخاذ قرار في ما يخص هذا الشأن.

وتظهر ردود وقرارات عدم المسؤولية بهذه الصورة وهذا الشكل لأن إصدار قرار نهائي برد دعوى يوفنتوس ورفضها تمامًا أصبح من الأمور الصعبة للغاية إن لم يكن مستحيلاً في ضوء وجود تقرير المدعي العام الرياضي ستيفانو بالاتزي والذي ظهر قبل أشهر قليلات وفي حيثياته إدانة واضحة لأندية ميلان وإنتر وبالتحديد في جزئية  اختراق المادة رقم (6) والتي تؤدي الى التهبيط والعقوبات الشديدة، والتي حال دون تنفيذها مرور أكثر من 5 سنوات على ظهور هذه الأدلة أو ما يعرف بالقانون الإيطالي بـ (قانون التقادم)، إضافة إلى قانون آخر صب في مصلحة ميلان ينص على أن من وُقِّعَت عليه عقوبة أو حكم في قضية ما لا يمكن أن يعاد محاكمته أو معاقبته فيها مجددًا.

من جهته فان رئيس يوفنتوس أندريا انيللي أكد أن النادي ماض في الملاحقة القضائية لاسترجاع كافة حقوقه، خصوصًا في ظل الأدلة والقرارات القوية بيده، وهو أمر اتى بعد ساعات من ظهور السيد جيانِّي بيتروشي رئيس أكبر هيئة رياضية ايطالية (المعروفة بالـ كوني أو اللجنة الأولمبية الإيطالية) والذي دعا الى طاولة مفاوضات يجلس عليها الجميع لانهاء هذه القضية والتي لن تهدأ نارها قبل انصاف كافة الأطراف.

كلام بيتروشي لاقى ترحيبًا من كافة الأطراف وبالتحديد من أندريا انييلِّي رئيس يوفنتوس الذي أشار في مؤتمر صحفي الى أن قبول هذه الدعوة يأتي نتيجة إيمان النادي ومن فيه بتطبيق الأنظمة والقوانين، والتي يجب أن تعمم وتطبق على الجميع، وأن يوفنتوس اليوم لديه ما لديه من أدلة وقرارات حاسمة تؤكد أحقية النادي بمطالباته، سواء المعنوية أو حتى المادية.

عمومًا، فإن قضية الكالشيو بولي ربما دخلت اليوم في مراحل تبدو مصيرية وحاسمة بالفعل، خصوصًا أن مطالب يوفنتوس المادية الكبيرة تأتي في وقت تعاني فيه الدولة الإيطالية ككل من أزمة اقتصادية خانقة ربما تعتبر الأصعب في تاريخ الدولة المعاصر، وعليه فإن الاتحاد الايطالي لكرة القدم والأنظمة الرياضية الايطالية ككل تريد تجنب مثل هذه الدعوات الكبيرة والحصول على تسوية من نوع ما ترضي جميع الاطراف.

العقلانية والليونة ربما ستكون نهج الهيئات الرياضية العليا في إيطاليا خصوصاً في التعامل مع يوفنتوس وإدارته, وتحديدًا في مجال إعادة ألقاب عامي 2005 و 2006، ناهيك عن التعويضات المالية ومحاولة المساومة عليها وذلك لن يظهر لإنهاء قضية شائكة أرقت ايطاليا كلها وحسب، بل لأن اليوفنتوس وإدارته كما أشرنا سابقًا أصبحت اليوم مدعمة بقرارات مدنية فصلت بين يوفنتوس ككيان ولوتشيانو موجي كفرد، مما يعني أن هذه المطالبات لم تعد مجرد دعوات عاطفية عفوية بل هي مطالبات قانونية مدعمة بكافة الوثائق والبيانات والقرارات الصادرة من أعلى الهيئات القضائية الإيطالية سواء المدنية أو حتى الرياضية..

فأي الطرق ستسلك ايطاليا ومن فيها ؟!

هذا ما سيكشفه لنا قادم الأيام إن شاء الله ..

في دولة حتى محاكمها ومشاكلها ..لا تقلّ حلاوة عن هوس وجنون كرة القدم فيها.


المصدر : مكتوب ـ رياضة

Comment here

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More